سياحة وسفر

سياحة الجو البديع موسم الربيع في مصر

«الدنيا ربيع والجو بديع»؛ عبارة تُستخدم عادةً في مصر لتلخص الكثير عن طقس البلاد في أشهر الربيع الحالية، التي تمتاز بالطقس المعتدل؛ ما يدفع إلى الخروج إلى الأجواء المفتوحة والمساحات الخضراء.

ومع ما يرسمه الربيع من لوحة بالألوان المعتدلة، تكون السياحة في تلك الأجواء وهذا الوقت من العام مثالية للغاية، وفرصة مناسبة لاكتشاف الجمال المصري، بين الانغماس الثقافي ووجهات الهواء الطلق النابضة بالحياة.

ويحمل فصل الربيع في مصر توازناً من حيث درجات الحرارة المريحة وتدفق السائحين الخفيف، فيأتي أبريل (نيسان) ومايو (أيار) بعد أشهر الشتاء الباردة، وقبل حلول الصيف مرتفع الحرارة؛ ما يجعلهما وقتاً مناسباً للتجول والسفر؛ إذ تكون درجات الحرارة أثناء النهار مريحة (متوسط 30 درجة مئوية)، لكن لا يزال بإمكانك الاستمتاع بالشمس، بينما تكون الليالي معتدلة البرودة (متوسط 17 درجة مئوية)؛ ما يسمح بالاستمتاع بالهواء المنعش والأجواء الحافلة بالحيوية.

كما أنه في أبريل ومايو، تكون ذروة الموسم السياحي من أكتوبر (تشرين الأول) إلى مارس (آذار) انتهت، وأصبحت الحشود في المواقع السياحية الرئيسية أقل؛ ما يسمح بالاستمتاع بالمواقع السياحية بشكل أكبر دون وجود مشاهد الزحام، والتعرف بشكل أعمق عليها، مع وجود مساحة واسعة لالتقاط الصور الفوتوغرافية.

ماذا يمكن أن تزور في مصر خلال الربيع؟

أشهر الربيع هي الوقت المثالي للاستمتاع بسياحة متنوعة تجمع بين الثقافة والطبيعة والترفيه، وتبرز «الشرق الأوسط» بعض الأماكن والنشاطات التي تجعل من الربيع وقتاً مثالياً لزيارة مصر…

– «شم النسيم»… لمحة عن الثقافة المصرية

تتزامن بداية الربيع مع عيد «شم النسيم» أو عيد الفصح، وهو احتفال نابض بالحياة، يحتفي به جميع المصريين بغض النظر عن الدين، حيث يهتم المسيحيون والمسلمون بالاحتفال به؛ كونه يمثل بداية الربيع، ويمكن للسائحين الانضمام إلى ملايين المصريين الذين يحرصون خلاله على تناول الأسماك المملحة (وأبرزها الفسيخ والرنجة والسردين) ومعها البصل الأخضر والخس، وتلوين البيض، والترمس.

يذكر أن هذا التقليد بدأ منذ أكثر من 4500 عام في عهد المصريين القدماء، مرتبطاً بطقوس ومظاهر مقدسة، حيث يرمز السمك المملح (الفسيخ) إلى الرخاء والخصوبة، ويرمز الخس والبصل الأخضر إلى الأمل في أوائل الربيع، كذلك تلوين البيض يرتبط بعقيدة قديمة أيضاً؛ إذ كان الفراعنة ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات.

«الدنيا ربيع والجو بديع»؛ عبارة تُستخدم عادةً في مصر لتلخص الكثير عن طقس البلاد في أشهر الربيع الحالية

– القناطر الخيرية… طبيعة وعبقرية هندسية

الحدائق العامة والمتنزهات من مقاصد النزهة المتميزة في الربيع، وتعد حدائق «القناطر الخيرية» الواقعة في قلب دلتا النيل بمصر، حيث يتفرع نهر النيل إلى فرعيه رشيد ودمياط، إحدى أبرز الوجهات التي يمكن زيارتها خلال الربيع، بل هو موسمها الأهم على الإطلاق.

وتكتسب القناطر الخيرية أهميتها كوجهة سياحة تجمع بين الجمال الطبيعي والعبقرية الهندسية، كما أنها وجهة مثالية للزوار الذين يبحثون عن تجربة سياحية تجمع بين الاسترخاء والجمال الطبيعي والمساحات الواسعة، لا سيما بعد أن شهدت أعمال تطوير كبيرة خلال السنوات الماضية.

تبدأ الرحلة إلى القناطر الخيرية بركوب البواخر النيلية من كورنيش النيل بالقاهرة، وهي وسيلة رائعة لاكتشاف جمال المنطقة من منظور مختلف، أما مع الوصول إلى الحدائق فيمكن ممارسة الأنشطة الترفيهية والرياضية، حيث يمكنك الاستمتاع بركوب الدراجات الهوائية أو المشي على ضفاف النهر، أو حتى المشاركة في رياضات مائية مثل التجديف، كما تتيح هذه الرحلة تجربة الطعام الريفي، ويأتي على رأسه الفطير «المشلتت» الذي يتم خبزه في أفران تقليدية، والذي يتم تناوله مع العسل الأبيض الذي تنتجه مزارع النحل المنتشرة في القناطر.

وتعدّ القناطر الخيرية أيضاً مكاناً للثقافة والفنون؛ إذ يقام في المنطقة الكثير من الفعاليات الثقافية والفنية، مثل المعارض والحفلات الموسيقية، والعروض الفنية الشعبية، كما يمكن شراء منتجات الحِرف اليدوية من الأسواق المحلية.

– معرض زهور الربيع

يعدّ المعرض السنوي الأكبر والأقدم في المنطقة العربية، والذي يقام على مدار 90 عاماً، حيث يعد حدثاً ثقافياً اقتصادياً متميزاً، يحرص على المشاركة فيه منتجو الزهور ونباتات الزينة، وأصحاب المشاتل والمناحل، ومنتجو عسل النحل، ومستلزمات الإنتاج الزراعي.

يحظى المعرض بنسب إقبال مرتفعة من المواطنين المصرين والعرب والأجانب من مختلف الطبقات، طوال أيام العرض التي تمتد إلى 45 يوماً، ويُعدّ فرصة ذهبية لعشاق الزهور الشائعة والنادرة وذات الألوان المتنوعة، وكذلك نباتات الزينة التي تعدّ مصر من الدول الرائدة فيها، كما أنه يعدّ فرصة مناسبة للباحثين عن البهجة والمناظر الجميلة.

اعتاد زوار المعرض زيارته خلال السنوات الماضية في حديقة الأورمان العتيقة بمدينة الجيزة، إلا أنه مع خضوعها للتطوير هذا العام مع حديقة الحيوان المجاورة لها، تقرر نقل فعاليات المعرض في نسحته الـ91 إلى المتحف الزراعي بحي بالدقي بالجيزة، في شهر مايو. وهو ما يُعد فرصه أمام زائر المعرض هذا العام للتعرف أيضاً على المتحف الزراعي، الذي يوثّق ذاكرة مصر الزراعية على مساحة 125 ألف متر مربع.

وتتيح هذه المناسبة المبهجة للسائح تجربة الثقافة المصرية بشكل مباشر، حيث تفضّل الأسر المصرية قضاء هذه العطلة في التنزه في الحدائق العامة والمتنزهات أو على ضفاف نهر النيل، حيث يتمتع الكبار بتناول الطعام في أجواء لطيفة، بينما يستمتع الأطفال بالألعاب، كذلك يتجه كثيرون إلى الشواطئ، أو ركوب المراكب والقوارب الخاصة أو الرحلات النيلية الجماعية التي تجد إقبالاً كبيراً في هذا اليوم.

– منتجعات البحر الأحمر وسيناء… متعة الاسترخاء

مع ارتفاع تدريجي لدرجات الحرارة وانخفاض الحشود السياحية، يعد هذا هو الوقت المثالي للتوجه إلى ساحل البحر الأحمر وجنوب سيناء، التي تشهد درجات حرارة أعلى قليلاً مما يجده الزائر للقاهرة، وهو ما يعد مناسبا للاستمتاع بالشواطئ الأكثر هدوءاً، خاصة دهب أو شرم الشيخ أو الغردقة، حيث متعة الاسترخاء على الشواطئ الرملية البيضاء.

كما أن المياه الزرقاء الصافية والشعاب المرجانية الغنية تجعل من هذه المناطق وجهة مثالية لممارسة الغوص والغطس والرياضات المائية، وتضم شرم الشيخ تحديداً الكثير من المواقع الشهيرة لممارسة الغوص، مثل رأس محمد، التي تعدّ محمية طبيعية وموقعاً يتميز بالرياح الهادئة والمياه الصافية؛ مما يسمح للغواصين بالاستمتاع برؤية واضحة للمرجان والأسماك.

كذلك يمكن الاستمتاع برياح الربيع المثالية في رأس سدر، على ساحل البحر الأحمر، التي تمتاز بمياهها الضحلة ورياحها الثابتة؛ ما جعلها واحدة من أفضل الأماكن في مصر والعالم لركوب الأمواج بالأجنحة الشراعية.

– الرحلات النيلية… ثقافة ومغامرة

تُعدّ الرحلات النيلية واحدة من أبرز الأنشطة السياحية في مصر، حيث تجمع بين الثقافة والطبيعة والمغامرة، إلى جانب التمتع بالهواء النقي، بينما تحيط بك مياه النيل الهادئة ومناظره الأسرة؛ ما يجعلها خياراً مثالياً للراغبين في استكشاف مناطق مختلفة من مصر.

ويعدّ فصل الربيع هو الوقت الأمثل للاستمتاع بهذا النوع من الرحلات؛ فسواء كنت تخطط لرحلة قصيرة في نيل القاهرة لبضع ساعات أو رحلة أطول من أسوان إلى الأقصر تمتد أياماً عدة، فإن الطقس المعتدل يجعل من الرحلات النيلية تجربة ممتعة.

لا تتوقف أهمية الرحلات النيلية عند حد الاستمتاع بمشاهدة المناظر الطبيعية الجميلة، بل إنها أيضاً تمنح فرصة فريدة لاستكشاف تاريخ مصر العريق، ومشاهدة عظمة المعابد التاريخية والمواقع الأثرية التي تطل على النهر لاسيما في الأقصر وأسوان.

– الأقصر وأسوان… رحلة تأملية

للراغبين في استكشاف التاريخ القديم، يعدّ الربيع وقتاً مناسباً لزيارة مدينتي الأقصر وأسوان (جنوب مصر) قبل حلول أشهر الصيف الحارة؛ فالطقس الربيعي المعتدل ودرجات الحرارة التي لم تبلغ ذروتها بعد تجعل من زيارة المعابد والمواقع الأثرية تجربة مميزة، حيث يمكنك زيارة معبد الكرنك ووادي الملوك في الأقصر، أو التمتع بجمال معبد فيلة والسد العالي في أسوان، كما يساعد الطقس المعتدل على الإبحار في نهر النيل في رحلة تأملية، تسمح للمسافرين بالتواصل مع الجمال الطبيعي للنهر والمناطق المحيطة به.

كما يمكنك الوصول إلى حديقة النباتات، والمعروفة أيضاً بـ«جزيرة النباتات»، التي تقع على جزيرة بأكملها قبالة مدينة أسوان، على مساحة نحو 17 فداناً، لمشاهدة واستكشاف الكثير من أنواع النباتات النادرة، حيث تمتاز الحديقة بتنوعها البيولوجي الغني؛ إذ تضم الكثير من الأشجار والنباتات الفريدة، بما في ذلك أشجار النخيل المختلفة، والصبار، والزهور الملونة، والنباتات الاستوائية.

ويمكن للزائرين الاستمتاع بالتجول في المسارات المظللة والاستمتاع بجمال الطبيعة الساحر، تُعدّ هذه الحديقة ملاذاً هادئاً وسط صخب المدينة، وهي وجهة مثالية للباحثين عن الهدوء والاسترخاء، لا سيما في فصل الربيع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى